أما إذا انتقلنا إلى أمريكا الجنوبية ، بلاد العجائب ، و رأينا تلك النماذج المجنّحة في كولومبيا ! و الأهرامات العملاقة في حوض الأمازون ! المشيّدة على منحدرات جبلية مكسوّة بغابات كثيفة يصعب اختراقها ! حينها نعرف أنه هناك شيء كبير لازلنا نجهله !.
هذه مناطق لا يمكن اكتشافها أو تكوين صورة شاملة عنها سوى بواسطة الأقمار الصناعية !. هذه الغابات الكثيفة تخفي الكثير من المعجزات !. أبنية ضخمة تعود إلى أكثر من 8000 سنة أو أكثر ! هذا ما استنتجته فحوص الراديوكاربون . لكن رغم كل ما توصّل له المكتشفون حتى الآن إلا أنهم لازالوا على أعتاب عالم مجهول ! عالم غامض يخفي في طياته تاريخ الإنسانية الحقيقي !.
أما في بوليفيا ، فأثار مدينة تيواناكو ، الواقعة بجانب بحيرة تيتيكاكا ، لازالت تمثّل سؤال كبير بالنسبة للإنسانية جمعاء !. نجد في هذا الموقع آثار مدينة سحيقة في القدم ( أقدم مدينة في التاريخ !) ، و فيها أكثر أنظمة مياه تعقيداً ! حتى بالنسبة لعصرنا الحديث ! لم يرى الخبراء أو يسمعوا بما يضاهيها بالدقة و التعقيد !. أما أنظمة الري المؤلفة من قنوات و ممرات مائية تحت أرضية و أنظمة هيدروليكية ، فهي معجزة هندسية خارقة !.
و قد أعاد عالم الآثار " ألان كولاتا " من جامعة شيكاغو ، تشغيل هذا النظام المائي بعد صيانته و ترميمه ، في سبيل إرواء الحقول الزراعية الاصطناعية من أجل إطعام السكان المحليين . مع العلم أن تلك المنطقة صحراوية غير قابلة للزراعة ، لكن الحقول الزراعية الاصطناعية التي أنشأها القدماء في وسط الصحراء يمكنها إطعام 100.000 من السكان !.
و لازالت عمليات التنقيب جارية في ذلك الموقع ، و قد اكتشفوا أساسات تعود لبناء ضخم تبلغ مساحته 2.5 ميل مربع !. و هناك بقايا اهرامات مركّبة من أحجار معشوقة ببعضها البعض يزن كل حجر 160طن !. و تخفي جدران هذه الهياكل المعمارية المعقّدة بين أحجارها أنظمة هيدروليكية تعمل على تنظيم المياه و توزيعها . أما الأحجار فهي موصولة ببعضها بواسطة كلابات نحاسية تساعد على تماسكها !.
لكن رغم كل هذا فإنهم لم يجدوا أي نقوش أو ما يشير إلى أن هذه المدينة قد استخدمت الكتابة أو أي شيء يدلّ على لغة معيّنة ! مع أنهم وجدوا مخططات تشبه اللوحات الالكترونية !... كيف استطاع هؤلاء العباقرة المعماريين إنجاز هذه المعجزات دون الاستعانة باللغة المكتوبة ؟!.
هناك الآلاف من الحقائق التي نجهلها عن العالم القديم ، عالم ما قبل التاريخ ، حقائق تخصّ أسلافنا القدماء . و بنفس الوقت نجد الآلاف من العوائق التي تمنعنا من معرفتها .
و لدي الآلاف من الأمثلة على تلك العوائق .. دعونا نتعرّف على إحداها :
![العقل الكوني... 457](https://2img.net/h/i280.photobucket.com/albums/kk183/ad_jl/457.jpg)
( هذا الصورة هي لرسومات نازكا ..لا يمكن رؤيتها سوى من السماء )
البروفيسور " أيلز هاردليكا " الذي كان مسئول عن مؤسسة السمثسونيان في واشنطن لعدة سنوات . كان هذا الرجل الأكاديمي المستبدّ محكوم بقناعة غير قابلة للنقاش ، تقول أن الكائن البشري لم يكن موجوداً في القارة الأمريكية قبل نهاية العصر الجليدي . و يرجع السبب إلى الشرائح الجليدية الهائلة التي عملت على إعاقة هجرته إليها . و قد دافع عن هذه الفرضية بطريقة متطرّفة إلى درجة أن محاولة معارضتها أو دحضها من قبل أحدهم يعتبر انتحار أكاديمي محتم !. فالجميع كانوا يخافون فجوره و سطوته المستبدّة !. و تمكّن هذا الرجل من فرض أفكاره على علماء الأنثربولوجيا لعقود طويلة من الزمن !. لقد مارس الاستبداد الفكري بكل مقاييسه !.
و شاءت الأقدار أن يقوم البروفيسور فرانك هيبن من جامعة نيومكسيكو بالكشف عن بقايا و آثار تثبت أن الإنسان كان موجود فعلاً في الأمريكيتين قبل انتهاء العصر الجليدي بفترة طويلة جداً !. و قد وثّق اكتشافه الجديد و ألّف كتاب ( في العام 1946م ) يشرح فيه استنتاجاته و الإثباتات التي اعتمد عليها في فرضيته الجديدة . كان هذا الرجل الطيّب رئيس قسم الأنثروبولوجيا في جامعة نيومكسيكو ، و كان عالم أثار محترم ذات سمعة طيبة .
لكن ماذا حصل بعد أن نشر أعماله ؟ ... لقد فتحت عليه أبواب الجحيم !..
كانت أفكار هاردليكا مسيطرة على عقول الأكاديميين في تلك الفترة لدرجة أنهم لم يعترفوا أساساً باكتشافات البروفيسور هيبن الجديدة ! و تعرّض لحملة عشواء من قبلهم ، بإدارة هاردليكا ، و كانت النتيجة : طرد البروفيسور من الجامعة ، دمّرت حياته المهنية تماماً ، و لم يسمح له بالتعليم أبداً !. أما الموقع الأثري الذي يحمل الإثبات على فرضيته ، فقد دمّر تماماً على يد مجهولين !. و دمّر هذا الرجل تماماً و اختفى عن الساحة الأكاديمية و لم يسمع بعدها عنه أحد !. لكن بعد ذلك بسنوات ، و بعد أن مات الدكتاتور الأكاديمي هاردليكا ، اكتشفت المئات من المواقع الأثرية التي تدعم فرضية هيبن . أوّلها كان موقع مونت فيرمنت في جنوب تشيلي . و بعدها راحت تظهر المواقع بالتتالي ! فانهارت الفرضية القديمة و ظهرت الحقيقة !
لو أن المنطق الذي يحكمنا هو أكثر انفتاحاً و ذات أفق أرحب و أوسع ، لو أن القائمين على المؤسسات العلمية العالمية هم أكثر شرفاً و إنسانية من ما هم عليه اليوم ، لو أن أصوات المئات من الخبراء الشرفاء وجدت طريقها إلى الشعوب ، لتخبرهم عن ما توصلوا إليه من اكتشافات و استنتاجات .... لربما عرفنا الحقيقة منذ زمن طويل ... بكل أبعادها ....!