منتدى العدميين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى العدميين العرب

منتدى فلسفي حواري ذو توجه عدمي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 لماذا خرجت مصر من التاريخ !

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16612
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Empty
مُساهمةموضوع: لماذا خرجت مصر من التاريخ !   لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Emptyالجمعة أغسطس 28, 2009 5:32 am


لماذا خرجت مصر من التاريخ؟ «١-٦»

بقلم د محمد أبوالغار ٣٠/ ٧/ ٢٠٠٩


١ - التوريث

منذ ولاية محمد على افتقدت مصر أهم مقومات الدولة الحديثة التى أنشأها محمد على، وهى أن يحكم الشعب نفسه بنفسه وأن يختار حكامه وأن يكون قادراً على تغيير هؤلاء الحكام، فمنذ إنشاء الدولة العلوية كان الحكم فيها بالتوريث لأولاد محمد على ثم أحفاده، صحيح أن الأمر لم يتم بالتوريث فقط، فقد تدخلت القوى الدولية فى عصر إسماعيل لتغيير الموقف ثم تدخل الإنجليز فى مرحلة لاحقة لخلع الخديو واستبداله بآخر حفاظاً على مصالحهم ولكنه كان من نفس العائلة ولذا استمر توريث الحكم فى مصر عن طريق الحاكم والقوى الخارجية ولم يكن للشعب رأى فى اختيار الخديو أو السلطان أو الملك باختلاف المسميات حسب العصر،

ولم يكن هذا الحاكم الذى ورث الحكم هو رمز للدولة كما هو الأمر فى ملوك شمال أوروبا ولكنه كان الحاكم الفعلى وصاحب الأمر والنهى، وصحيح أنه فى الفترة الليبرالية بعد ثورة ١٩١٩ وتطبيق دستور ١٩٢٣ أصبحت للحكومة سلطة موازية، ولكن فى النهاية كان الوريث هو الذى يحكم ويقرر، فكان قرار الانفتاح على العالم هو قرار محمد على وإبراهيم باشا، وكان قرار الانغلاق داخل مصر هو قرار عباس الأول،

ثم جاء سعيد ليقرر بعض الانفتاح بمشروع قناة السويس ثم كان الانفتاح الأكبر وبيع مصر بالكامل للأجانب هو قرار الخديو إسماعيل وفى جميع هذه المراحل لم يكن للشعب رأى فى أى شىء، كانت هناك بعض القوى الوطنية تناوش بعض الشىء ولكنها كانت فى وادٍ والشعب فى واد، حتى ثورة عرابى وثورة ١٩١٩ لم تؤديا إلى حكم الشعب لنفسه ولكنهما حققتا مكاسب جزئية طفيفة سرعان ما فقدها الشعب لصالح الوريث.

وبنهاية الدولة العلوية وقيام ثورة ١٩٥٢ بقيادة عبدالناصر الذى هو من أفراد الشعب والذى قاد ثورة اجتماعية إصلاحية وتعليمية وصناعية لصالح الشعب، لم يؤمن للحظة واحدة بحكم الشعب، فكل الحركات الشعبية تم إجهاضها بعنف شديد وحين كانت شعبية عبدالناصر فى أواخر الخمسينيات فى السماء وكان قادراً على كسب أى انتخابات دميقراطية باكتساح وبدون أى تزوير أصر على عدم إجراء انتخاب حر وقام بعمل استفتاءات صورية أخذ فيها مائة بالمائة من الأصوات،

فحتى ابن الشعب وأكبر نصير له لم يوافق أبداً أن يشرك الشعب معه فى الحكم، وحين مرض عبدالناصر بعد كارثة ٦٧ اختار أيضاً وريثاً له هو أنور السادات ولم يشرك الشعب فى الاختيار وهو أمر غريب فى نظام يدعى أنه جمهورى،

وكان للسادات سياسة مغايرة وقرر أن يصبغ النظام بصبغة ديمقراطية صورية لتكون واجهة مناسبة للغرب الذى كان يرغب فى كسب وده، وكان فى داخله لا يؤمن بالشعب ولا حكم الشعب واختار أيضاً الخليفة بنفسه وبمواصفات خاصة تناسبه هو، أما إذا كان هذا الخليفة الذى سيرث الحكم يناسب مصر ومستقبلها أم لا يناسبها فهذا أمر لم يأخذه فى الاعتبار لأنه اختيار الرئيس بصفة شخصية.

ولما كان كل من عبدالناصر والسادات زعامات سياسية صدامية لها أفكار كبيرة وتريد أن تحدث تغييرات ضخمة بغض النظر عن اختلافهما تماماً فقد انتهت حياتهما نسبياً بسرعة.

وحين جاء الرئيس مبارك كخليفة للرئيس السادات كان شخصية مختلفة فهو هادئ ليست عنده أفكار كبيرة أو أحلام ضخمة وإنما كان يريد للمركب أن يسير بأقل الخسائر الممكنة ولا أهمية للمكاسب واستمر مبارك ثلاثة عقود لتسمح الظروف بأن يدور حديث عن توريث الحكم لنجله جمال بعد أن قام بتغيير الدستور لتبدو عملية التوريث سهلة وبسيطة وقانونية صورياً على الأقل.

صحيح أن تطور الزمن أدى إلى حالة غضب عام بسبب التوريث ولكن الشعب المصرى الذى قبل التوريث عبر قرون من الزمان فى الدولة الحديثة يبدو أنه سوف يقبله فى القرن الواحد والعشرين بنفس الطريقة.

وصحيح أيضاً أن العالم تغير حين كان فاروق ملكاً على مصر فلم تكن هناك دولة واحدة فى أفريقيا بها انتخابات حرة أو تداول للسلطة وكانت أمريكا الجنوبية مرتعاً للديكتاتوريات العسكرية وكانت شرق آسيا وأوروبا الشرقية ديكتاتوريات صريحة وكان التوريث فى هذه الدول أمراً طبيعياً، ولكن الآن أصبح التوريث محصوراً فقط فى المنطقة العربية واختفى من قاموس العالم،

ولذا اضطر مروجوه إلى القيام بألعاب أكروباتية دستورية لوضع التوريث فى صورة شبه قانونية. الجديد فى الأمر أنه لا عبدالناصر ولا السادات طلبا موافقة أحد على اختيار وريثه، ولكن وضع مصر المتدنى خارج التاريخ تطلب أن يأخذ هؤلاء موافقة القوى الكبرى على الوريث.

إذا أراد الشعب أن يحكم نفسه بنفسه فلابد أن يحارب بشدة ليحقق حريته وفى عالمنا الحديث لابد من وجود رغبة شعبية عارمة ومنظمة ومستعدة لدفع الثمن مع وجود قوى كبرى تشجع التغيير إلى الديمقراطية، وهذا ما حدث فى أوروبا الشرقية، أما فى مصر فلا الشعب يريد الكفاح من أجل الديمقراطية ولا العالم يرغب أن تصبح مصر ديمقراطية ولذا فإن التوريث سوف يستمر كما بدأ منذ زمان بعيد.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16612
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا خرجت مصر من التاريخ !   لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Emptyالجمعة أغسطس 28, 2009 5:33 am


لماذا خرجت مصر من التاريخ؟ «٢-٦»

انهيار التعليم العام

كان التعليم العام الأساسى فى مصر يعتمد على الكتاتيب المنتشرة فى القرى المصرية، وفى بداية القرن العشرين بدأ إنشاء المدارس المنتظمة التى ساهمت فى إنشائها الجمعيات الأهلية، التى كان يقوم بتمويلها كبار الأعيان، وكان المثال الأكبر هو جمعية المساعى المشكورة فى المنوفية.

وبالتدريج بدأت الدولة تنشئ المدارس فى ربوع مصر، وفى نفس الوقت كانت هناك إرساليات أجنبية أمريكية وأوروبية قامت بإنشاء مدارس حديثة، كان معظم تلاميذها من الجالية الأجنبية الكبيرة التى استوطنت مصر.

وفى عشرينيات القرن الماضى بدأت تظهر ملامح واضحة للتعليم الأساسى المصرى فى مناهج متقدمة أشرف على تحضيرها خبراء مصريون سافروا فى بعثات إلى الخارج، وكان السياسيون المصريون عندهم من الوعى والوطنية أن يختاروا الأكفأ لوضع مناهج عظيمة فى جميع فروع المعرفة، وكان تعليم اللغات، وعلى رأسها العربية، شيئاً مهماً، فأتقن خريجو المدارس المصرية لغة بلدهم،

وكانت اختيارات الكتب التى تدرس تنم عن ذكاء وفطنة وحكمة وثقافة بالغة، وكان طالب الثانوى المصرى يجيد الإنجليزية والفرنسية بدرجة معقولة، ومع تولى طه حسين وزارة المعارف العمومية أصبح التعليم مجانياً، وأنشئت المدارس بسرعة فائقة، وتطور الأمر إيجابياً فى هذا الاتجاه بعد ثورة ١٩٥٢، واستمرت المناهج المتميزة فى التعليم. صحيح أن كتب التاريخ أعيدت كتابتها وتدريسها لأسباب سياسية وليست علمية، ولكن التعليم العام فى مجمله كان تعليماً ممتازاً، وكان الانفجار السكانى الكبير لم تظهر آثاره الكارثية بعد.

كان الشعب كله، الغنى والفقير، يتعلم نفس المنهج ويتقدم لنفس الامتحان ويقرأ نفس الكتاب المدرسى، ولذا كان هذا الجيل مصرياً متوحداً فى بنيته الأساسية وتعليمه العام، صحيح أنه كانت هناك مدارس متميزة، وصحيح أنه كان هناك ما يسمى مدارس اللغات، ولكنها جميعاً كانت تدرس نفس المنهج ويمتحن طلبتها نفس الامتحان، مع بعض الإضافات فى اللغات الأجنبية.

المدارس التى أقامتها الإرساليات الأجنبية كانت كلها تدرس منذ إنشائها منهج التعليم المصرى، باستثناء بعض المدارس الفرنسية، التى صدر قانون فى عام ١٩٥٦ بإجبارها على تدريس المنهج المصرى، كانت هناك مدرسة واحدة للأولاد وهى فيكتوريا كوليدج، وواحدة للبنات وهى الإنجليش سكول، بالإضافة إلى واحدة أمريكية كانت لا تدرس المنهج المصرى، ومعظم طلبتها كانوا من الأجانب باستثناء بضع مئات من المصريين من أولاد الباشوات.

كان هناك تعليم أزهرى عبارة عن مدرسة ثانوية واحدة فى كل محافظة للتعليم الدينى، وخريجوها كانوا يدرسون فى الأزهر العلوم الدينية، وكان طلبة المدارس الأزهرية والمدارس الأجنبية نسبة ضئيلة للغاية، وكان التعليم العام يضم جميع المصريين أغنياء وفقراء مسلمين وأقباطاً، فلاحين وعمالاً وموظفين فى بوتقة واحدة صنعت شعباً واحداً له ثقافة واحدة ووعى حقيقى بمشاكل بلده وخلقت انتماء حقيقياً وحباً لهذا الوطن جمع الشمل كله.

انظر ماذا حدث فى التعليم العام خلال العقود الثلاثة الماضية، أولاً: انهار التعليم العام لأسباب كثيرة من ضمنها الانفجار السكانى، ضعف التمويل، والفساد الذى استشرى فى مصر، فأصبح التلاميذ لا يذهبون للمدارس وإنما يتعلمون فى المنزل بالدروس الخصوصية، وتدهورت المناهج فى العلوم الإنسانية فوضع المناهج موظفون قد يكونون حاصلين على الدكتوراه ولكن ليس عندهم الوعى الكافى لتربية وتعليم شباب هذا الزمان، غير واعين ولا مهتمين بأن الطلبة فيهم المسلمون وفيهم الأقباط،

وهم لا يعرفون أن الأدب والثقافة والفن قد أصبحت جزءاً مهماً من التربية والتعليم، وصاحب ذلك ظاهرتان فى غاية الخطورة، الأولى هى التمويل الضخم من السعودية للأزهر للتوسع الشديد فى التعليم الأزهرى بإنشاء الآلاف من المدارس الأزهرية، هذه المدارس بالطبع كان التعليم فيها مختلفاً حتى لو قيل إن المناهج الأصلية قد وحدت والمدرسين فيها مختلفون فى التفكير، وهى مدارس أحادية الديانة وقد تخرج فيها مئات الآلاف من التلاميذ الذين تربوا وتعلموا بطريقة مختلفة عن باقى المصريين.

وفى نفس الوقت ومع ظهور طبقة شديدة الغنى نشأت المدارس الأجنبية باهظة المصاريف، التى تبلغ لتلميذ الابتدائى فيها، فى عام واحد راتب أستاذ جامعة فى عامين، وبالتدريج تغلبت القوى التى وراء هذه المدارس على القوانين المصرية الراسخة وأصبحت هناك مئات من المدارس التى لا يعرف طلبتها اللغة العربية ولا تاريخ مصر،

هؤلاء الطلبة والطالبات يتكلمون مع بعضهم بالإنجليزية فى معظم الأحيان، ويتحدثون عن المطربين فى أمريكا وفرنسا ولم يسمعوا عن طه حسين ولا توفيق الحكيم، ولا يعرفون من هو سعد زغلول ولم يقرأوا شعراً لشوقى ولا رواية لنجيب محفوظ أو يوسف إدريس، إنهم خواجات مصريون بمعنى الكلمة.

الكارثة أن هؤلاء الطلبة هم قيادات مصر فى العقد القادم، لأنهم أولاد كبار الأغنياء، ولأن عندهم من التعليم ما يناسب أنواع البيزنس الحالى ومنهم سوف يكون الوزراء والرؤساء وربما يأتى يوم يكون الحديث فى مجلس الوزراء المصرى بالإنجليزية.

الطالب الأمريكى الفقير والطالب ابن البليونير يتلقيان نفس المنهج بالكامل فى التعليم، وكذلك كل طالب فى جميع دول أوروبا واليابان وروسيا وماليزيا، هل نحن عجبة؟ لماذا هذا الإفساد فى التعليم المصرى الذى يفتت مصر إلى كيانات مختلفة بتعدد أنواع التعليم الأساسى؟

مصرنا العزيزة أصبح فيها بضعة آلاف أصبحوا خواجات مصريين، لا تهمهم مصر كثيراً وإنما فقط بيزنس العائلة، ومئات الآلاف تعلموا تعليماً دينياً منغلقاً لم يتح لهم فرصة الانفتاح على الثقافة بمعناها الواسع، ومعظمهم لا يجد عملاً فأصبحوا وقوداً جاهزاً للتطرف، وطلبة التعليم العام يتلقون تعليماً منهاراً ضعيفاً يؤدى فقط إلى الضياع.

وهكذا خرجنا من التاريخ ومن المستقبل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16612
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا خرجت مصر من التاريخ !   لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Emptyالجمعة أغسطس 28, 2009 5:33 am

لماذا خرجت مصر من التاريخ «٣-٦»

بقلم محمد أبوالغار ١٣/ ٨/ ٢٠٠٩

مصر دولة فقيرة فى مواردها الطبيعية، وهى الأرض والمياه ومصادر الطاقة. نبدأ بالأراضى.. الرقعة الزراعية المصرية التى قضى آباؤنا وأجدادنا أكثر من قرن من الزمان فى زيادتها عن طريق إنشاء السدود المختلفة على النيل نهاية بالسد العالى، وعن طريق استصلاح الأراضى وإلغاء رى الحياض والزراعة طول العام، خلال العقود الثلاثة الماضية، أخذت تتآكل تدريجياً وذلك بتبوير الأرض والبناء عليها، وهناك دراسة بالأقمار الصناعية تؤكد أنه لو استمر معدل تآكل الأراضى الزراعية بنفس النسبة فسوف تختفى معظم الأراضى الزراعية بعد أربعين عاماً.

وبالرغم من أن الدولة واعية بخطورة الموقف، وهى التى قامت بمسح جوى للأراضى الزراعية بمشروع كبير، وأصدرت قوانين لمنع البناء على الأراضى الزراعية بل أصدرت أوامر عسكرية تقضى بمحاكمة عسكرية فورية لمن يبنى على الأرض الزراعية، فإن البناء استمر بقوة وبشدة بسبب فساد الدولة من أعلى نقطة فيها إلى أصغر موظف فى الحكم المحلى، وكان الحزب الوطنى هو بطل هذه الجريمة بأن أعطى الإذن بالبناء وإلغاء المحاكمات والغرامات عند كل انتخابات برلمانية أو محلية، وهذا «عينى عينك» دون خجل أو كسوف. وبدلاً من إنشاء المصانع والمدارس والمؤسسات الجديدة فى الأراضى الصحراوية استمرت الدولة نفسها فى تبوير الأرض.

هذه الأرض التى كانت تغذى الشرق الأوسط منذ أيام الفراعنة أصبحت غير قادرة على إنتاج غذاء المصريين، ولم تطور مصر نظام الزراعة وأهملت إنشاء المصارف ولم تدخل الزراعة الحديثة ذات الإنتاجية العالية على مستوى كبير، فأصبحت إسرائيل تصدر منتجات زراعية باثنى عشر مليار دولار، ومصر تستورد أكلها ومعرّضة لأن تجوع. وفى نفس الوقت أنشئ مشروع توشكى الفاشل الذى كلفنا سبعة مليارات رغم أنف الخبراء.

وأكدت دراسة د. رشدى سعيد أن الأراضى الصحراوية الصالحة للزراعة أو إقامة مصانع جزء صغير من الصحراء الشاسعة، ولكن الدولة أخذت توزعه على الأصدقاء والمحاسيب والمعارف فى صفقات مشبوهة نتجت عنها غرامات بمئات الملايين يدفعها المصريون، ثم أقيمت المنتجعات والقرى فى كل مكان فى دولة لا تنتج إلا أقل القليل على ما تبقى من أرضها الزراعية.

هل يمكن أن تفرط دولة فى أرضها وهى أساس حياتها منذ بدء التاريخ إلا إذا كانت فعلاً قد خرجت من التاريخ؟

أما الطاقة فأمرها عجب. إنتاج مصر البترولى كان دائماً محدوداً، وكان يدار منذ اكتشافه بطريقة مشاركة مع الشركات الأجنبية المنتجة، وكان ذلك يتم حسب قواعد وأصول معقولة نسير عليها منذ القدم. وبظهور الغاز الطبيعى بكميات ضخمة تم التصرف بطريقة مختلفة عن البترول، التى تمت التعاقدات فيه أيام كان الفساد فيها غير موجود أو محدوداً،

أما الغاز فارتكبت الدولة أخطاء معيبة وقاتلة: الغاز هو مصدر الطاقة لنا ولأولادنا وأحفادنا، وبدلاً من إنشاء صناعات تستخدم فيها هذه الطاقة ولو بالمشاركة مع شركات أجنبية، ولكننا لم نبذل مجهوداً فى التصنيع المبنى على الغاز لأن هذه المشروعات طويلة الأمد ونحن فى عصر «الهف واجرى». ماذا فعلنا بالغاز؟ قمنا بتصديره إلى إسرائيل ودول أخرى، هل يعقل أن تقوم بالتصدير شركة خاصة يملكها صديق رئيس الجمهورية، وأن يكون التعاقد بالأمر المباشر ودون وجود شركات منافسة فى عصر الانفتاح والشفافية؟

وهل يعقل أن يتم التصدير بعقود طويلة الأمد وبأسعار قيل إنها أقل من سعر الإنتاج وأقل بكثير من السعر العالمى، وهل يعقل بعد أن انكشف الأمر وحدثت ثورة فى الرأى العام، وتم عرض الموضوع على المحاكم ألا تقوم الدولة بالإصرار على بيع الغاز بالسعر العالمى، وأن تستمر فى البيع بسعر سرى؟ انعدام الشفافية وإهدار مصدر مهم للطاقة بالتأكيد سوف يخرجنا من التاريخ.

أما المصدر الثالث والمهم لمواردنا الطبيعية فهو الماء، أى نهر النيل. انظروا ماذا فعلت الدولة المصرية عبر ثلاثة عقود بالنهر الذى قدسه الفراعنة، بسبب الفساد العظيم تركت الحكومة المصانع والمستشفيات والأهالى وحتى المجارى فى بعض المناطق تلقى بمخلفاتها فى النيل المقدس، وهكذا أصبح النيل نهراً ملوثاً بالزبالة والكيماويات والجراثيم.

وفى الوقت نفسه سمح بالبناء فى حرم النهر الذى كان مقدساً فاختفى النهر عن عيون الشعب، فأصبح مصدر الجمال والخير مصدراً للقبح والشر والأمراض والمواد المسرطنة. الدولة التى لا تسمح بدبيب نملة ممكن أن تؤثر فى نظام الحكم سمحت بتدنيس شريان الحياة بسهولة وبساطة.

لقد أقمنا السدود وعقدنا المعاهدات، حفاظاً على كل قطرة من ماء النيل، ولكن السياسة المصرية الخارجية نسيت وتناست البعد الأفريقى والإقليمى والدولى فى الحفاظ على حقنا الثابت كدولة مصب، أقيم سد فى إثيوبيا بنته الصين، لم نسمع عن هذا الأمر إلا منذ أسبوع، وبُنى سد آخر فى السودان، أين كانت مصر أثناء الدراسات الأولية لهذه المشروعات، وأين كانت قبل أن ينفذ أى مشروع للحفاظ على حق مصر؟ مصر كانت مشغولة باستمرار النظام وتوريث الحكم ولم تعط هذا الأمر أولوية حتى وقعت الفاس فى الراس.

لقد أهدرنا وفقدنا مواردنا الطبيعية البسيطة من أرض وماء وطاقة فليس غريباً أن نخرج من التاريخ، وفى هذه الحالة بالذات ممكن أن نخرج أيضاً من الجغرافيا.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16612
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا خرجت مصر من التاريخ !   لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Emptyالجمعة أغسطس 28, 2009 5:33 am

لماذا خرجت مصر من التاريخ (٤-٦)

بقلم محمد أبوالغار ٢٣/ ٨/ ٢٠٠٩
الانفجار السكانى

يعتقد الكثيرون من شعب مصر لأسباب مختلفة أن الانفجار السكانى هو حجة يرددها الحكام فى مصر لتبرير سوء الأحوال والانحدار الكبير والتدهور الذى حدث لنا.

ربما يكون كلام الحكام للتغطية على فشلهم الذريع ولكن يجب ألا ننسى الحقيقة العلمية الواضحة التى تقول إن الزيادة الرهيبة فى عدد السكان مشكلة كبرى تواجه الوطن.

نعلم جميعاً أن التنمية الشاملة هى أحد الحلول المهمة للمشاكل السكانية ولكن هناك حقائق يجب أن نفكر فيها بالعقل ونبتعد عن العواطف.

أولاً كان عدد سكان مصر يوم احتلال الإنجليز لها فى عام ١٨٨٢ ستة ملايين نسمة، ارتفع إلى ١٩ مليوناً فى عام ١٩٤٧ ثم ٢٦ مليوناً فى عام ١٩٦٠ ثم ٤٨ مليوناً فى عام ١٩٨٦ والآن نحن ٧٧ مليون بنى آدم.

ثانياً: معدلات الزيادة السكانية فى مصر تزيد على ٢.١٪ مقارنة بـ ١.٤٪ فى إيران و١.٦٪ فى الهند و١.٥٪ فى أندونيسيا ونصف بالمائة فى الصين وصفر بالمائة فى أوروبا.

ثالثاً: ما سبب هذا الانفجار السكانى؟ هل السيدات المصريات ينجبن أطفالاً أكثر مقارنة بخمسين أو مائة عام مضت؟ هذا غير صحيح فمعدل الإنجاب قد انخفض فى مصر ولكن عدد السكان يزيد. أتدرون لماذا؟، السبب الأصلى هو انخفاض كبير فى وفيات الأطفال التى كانت تبلغ أكثر من ٥٠٪ بسبب التطعيم الإجبارى وتوفير مياه شرب نقية واستخدام المضادات الحيوية مع ارتفاع فى متوسط عمر المصريين.

رابعاً: لماذا تصر العائلة المصرية على إنجاب أعداد كبيرة من الأطفال وذلك يحدث أساساً بين الفقراء وبين من تنخفض لديهم نسبة التعليم وخاصة تعليم المرأة. هناك أسباب كثيرة أهمها الجهل العام بأهمية الأسرة الصغيرة ليكون هناك فرصة أحسن لتعليم الأطفال والعناية بهم وسابقاً كانت هناك عوامل اقتصادية بسبب عمل الأطفال وأيضاً الجهل بطرق منع الحمل.

فخمسة أخطاء فقط فى طريقة الاستعمال على مدى ثلاثين عاماً من فترة الخصوبة سوف تؤدى إلى خمسة أو ستة أطفال زيادة بالإضافة إلى الثلاثة الذين كانت الأسرة ترغب فيهم. وكذلك تأثير بعض رجال الدين بأن الإسلام يحض على الزيادة فى النسل ليزداد عدد المسلمين أو أن تنظيم النسل تدخل فى إرادة الله، أو أنها خطة غريبة لتحجيم أعداد المسلمين، كل هذه العوامل تؤدى مجتمعة إلى الفشل فى مشروعات تنظيم الأسرة.

خامساً: دعنا ننتقل إلى أخطار الانفجار السكانى فى مصر. هناك مخاطر كثيرة أولها أن الإنسان يحتاج إلى مساحة معينة من الأرض يعيش فيها، فالكيلومتر المربع لا يجب أن يزيد عدد سكانه عن عدد معين نحن محاصرون داخل واد ضيق ازدحم بالسكان، بحيث أصبح المشى فى الشوارع مستحيلاً وليس هذا الأمر فى القاهرة فقط بل فى المدن والقرى.

الشىء الثالث هو أن الزحام الكثيف يولد الاحتكاك والعنف والجريمة والقذارة وهو ما نراه اليوم فى مصر كظاهرة عادية.

الشىء الرابع: هو أن توفير تعليم معقول ورعاية صحية معقولة هو شىء صعب المنال فى دولة بها انفجار سكانى، ما بالك إذا كانت الدولة فاسدة ولا تقوم بتنمية ولا يهمها إلا استمرار الحكم حتى ولو تحول المصريون جميعاً إلى جثث مرصوصة بجوار بعضها البعض.

ونتج عن هذا الانفجار كوارث فى مياه الشرب والصرف الصحى وأطفال الشوارع وارتفاع نسبة الأمية وهى مشاكل الحكومة مسؤولة عنها ولكن الانفجار السكانى جعلها صعبة الحل.

سادساً: تآكلت الأراض الزراعية بفضل تفسخ وفساد الدولة من ناحية ومن الضغط السكانى من الناحية الأخرى، كيف نستطيع أن ننتج غذاء يكفينا وأرضنا فى طريقها إلى الزوال؟ يقول قائل: الصحراء واسعة وهى قولة حق يراد بها باطل فزراعة الصحراء صعبة ومكلفة وسكنها يحتاج إلى مرافق مكلفة لا يقدر عليها أحد، نعم فلنتوسع فى الصحراء، ولكن هذا التوسع سوف يكون محدوداً مهما فعلنا.

إذا لم يعرف الشعب المصرى أنه فى الطريق إلى كارثة وهى الانفجار السكانى الذى سوف تكون نتائجه أوبئة تحصد الآلاف وربما الملايين.

يا أهل مصر أمامكم مصائب كبيرة صنعها الحكام ولكن هناك مشكلة شاركنا فى صناعتها ويجب أن نحاول حلها. إن خطورة الوضع الحالى أن الفقراء ينجبون أطفالاً كثيرة ويزداد وضعهم سوءاً وفقراً والأغنياء ينجبون طفلاً أو اثنين فتتحسن أحوالهم المادية والتعليمية والصحية ويزداد انفصال المجتمع وانقسامه.

ويا أيتها الحكومة الذكية لقد عينتم وزيرة لحل مشكلة السكان ولم تعطوها غير كرسى فى مجلس الوزراء، وهذا عنوان عدم الجدية. إن هذه المشكلة يجب أن يشارك فى حلها رئيس الجمهورية والوزراء والنواب ومصر كلها لأنه بدون حلها ستكون مصر فى الباى باى خارخ التاريخ والإنسانية وكل شىء.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16612
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا خرجت مصر من التاريخ !   لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Emptyالجمعة أغسطس 28, 2009 5:34 am

لماذا خرجت مصر من التاريخ «٥-٦»

بقلم د. محمد أبوالغار ٢٧/ ٨/ ٢٠٠٩
■ انهيار البحث العلمى والتعليم العالى

عندما دخلت مصر لأول مرة سباق اللحاق بالعصر أيام محمد على، وهى الفترة التى دخلت فيها اليابان نفس السباق، استطاعت فى أقل من ثلاثة عقود إنشاء مصانع للأسلحة والسفن وأدوات ميكانيكية تفيد مشروعات مدنية كثيرة، وكان ذلك بأيد مصرية تعلمت فى الخارج واستعانت ببعض الخبرات الأجنبية، وتكون جيل من المبتكرين المصريين الذين أسسوا صناعة حديثة فى دولة متخلفة بمقاييس ذلك الوقت، وفى نفس الوقت أنشئت المدارس العليا ومنها مدرسة المهندسخانة ومدرسة الطب ومدرسة الحقوق وتخرج فى هذه المدارس جيل من الخبراء والمفكرين.

ومرة أخرى خلال العقود الثلاثة الأولى فى القرن العشرين بدأت ملامح نهضة مصرية فى التعليم العالى وذلك بتجميع المدارس العليا وإنشاء كليتى العلوم والآداب لتصبح الجامعة المصرية هى مستقبل التعليم العالى والبحث العلمى.

وبالرغم من إنشاء الجامعة رغم أنف الإنجليز وفى ظروف صعبة استطاعت قلة من أساتذة الجامعة فى ظل استقلال الجامعة وحرية التفكير والبحث العلمى القيام ببحوث علمية متقدمة، وربما كانت أبحاث الأستاذ «مشرفة» وتلاميذه قادرة على دخول مصر العالم النووى فى الخمسينيات من القرن العشرين لو استمرت الجامعة والبحث العلمى على هذا المنوال.

وبعد أن سيطرت قيادة الثورة على الجامعة وتوسعت فى التعليم العالى والبحث العلمى، وصاحب ذلك مجانية التعليم وتم إنشاء المركز القومى للبحوث، وهى أشياء جيدة ولكن لأن الهاجس الأول كان السيطرة الأمنية على الجامعة ففى أقل من عقدين انهارت البحوث فى الجامعة ثم تلا ذلك انهيار التعليم الجامعى واختفى البحث العلمى باستثناء بؤر بسيطة يقودها محاربون فى ظروف صعبة وهى نفس الفترة التى نهض فيها التعليم والبحث العلمى فى دول مثل ماليزيا وإندونيسيا وقبلهما الصين، هم يتقدمون ونحن نتأخر.

فقدت مصر أيضاً التعليم الفنى المتقدم، واختفى العامل الفنى الأسطى الماهر المدرب تدريباً عالياً، الذى كان يعد حلقة الوصل فى أى صناعة مصرية، ومدارس الدومبسكو التى أنشأها الإيطاليون فى القاهرة والإسكندرية أهملناها بدلاً من محاكاتها وأنشأنا تعليماً صناعياً فاشلاً لا يفيد فى شىء.

لا يمكن فى العصر الحديث أن يحدث أى تقدم اقتصادى حقيقى دون بحث علمى متطور قادر على تصدير تكنولوجيا ثمنها مرتفع. ولا يمكن التقدم دون خريجى جامعات على مستوى عال فى جميع الفروع التكنولوجية والهندسية والبيولوجية والإنسانية، ولا يكفى أن نقوم بتخريج موظفى بنوك ورجال أعمال فى جامعات خاصة لتحقيق التقدم. وللأسف لم يؤمن وزراء التعليم العالى فى العقود الماضية بأن هناك أملاً أو رجاء فى البحث العلمى، وذلك يرجع إلى ضيق أفقهم وعدم قدرتهم على الحلول المبتكرة.

لم يفكر أحد فى حلول لدولة مشابهة فى المشاكل مثل نهرو فى الهند، عندما قيل له إن البحث العلمى مكلف ولا نتوقع عائداً منه، قال إننا دولة شديدة الفقر، لدرجة تجعل تمسكنا بالبحث العلمى هو الأمل. الهند اكتشفت أن هناك صعوبة بالغة فى إصلاح الجامعات والبحث العلمى بسبب كثرة الأعداد وقلة الإمكانيات، فقررت إنشاء مراكز التميز العلمى، فأنشئ مثلاً مركز متميز للعلوم النووية تدرب فيه خيرة الطلاب، وتقدم البحث العلمى فيه خطوة بخطوة حتى صنعت الهند القنبلة النووية واستغلت الطاقة النووية فى صناعة الكهرباء، كل هذا بأيد هندية تعلم بعضها فى الخارج والأغلبية فى الداخل. هذا النوع من المراكز له معاملة خاصة فى كل شىء من ناحية الرعاية والرواتب والتمويل.

لم يرأس الوزير مجلس إدارة المعهد أو طلب أعضاء الحزب الوطنى الهندى تعيين أقاربهم الفاشلين بالوساطة فى هذا المركز، وأنشئت أيضاً مراكز تكنولوجية متقدمة فى علوم الكمبيوتر والعلوم الكيمائية وعلوم البيولوجيا والعلوم الطبية، كلها بنفس الطريقة، وقادت هذه المراكز الهند للتقدم العلمى والتكنولوجى والاقتصادى، وخرجت بها من مستنقع التخلف الذى تعيشه.

لم يكن هذا المثال الهندى غريباً عن مصر، بل قُدمت هذه الأفكار عدة مرات، لكن الرفض كان حليفها لعدة أسباب أهمها عدم وجود رؤية استراتيجية عند وزراء التعليم وتفرغهم لحل مشاكل المجاميع والتعليم المفتوح والمقفول، وهناك أسباب أخرى من ضمنها ضعف الوازع الوطنى، لأن هذه المشروعات طويلة الأمد لن يراها من بدأها ولن يهتم بها إلا الوزير الوطنى الذى يحب مصر ويقضى عمره مكافحاً من أجلها وليس الوزير الذى يجرى ويلهث طول النهار والليل خلف صاحب السلطة يحاول أن يرضيه من ناحية ويرضى البنك الدولى من ناحية أخرى حتى يبقى لفترة أطول فى منصبه الوهمى الذى لا يقدم ولا يؤخر.

لقد عرض أحمد زويل مشروعاً متكاملاً لبناء مركز مصرى متقدم للعلوم الأساسية منذ عشر سنوات فى عهد مفيد شهاب، ثم عرض المشروع على هانى هلال، وكلا الوزيرين شاركا فى دفن المشروع الذى لن يفيدهما شخصياً، أما مصر فلا يهم مستقبلها، لو أنشئ هذا المشروع لكان قد بدأ إنتاجه يظهر، ومدرسته العلمية تتفتح وتكون نواة لمراكز أخرى. كل المطلوب كان ٢ مليار جنيه، أى أقل من ثلث ما صرف على مشروع توشكا المظهرى عديم الفائدة الاقتصادية.

إن تدمير التعليم العالى والبحث العلمى فى مصر هو جريمة ارتكبتها الدولة، فأخرجت مصر من التاريخ والمستقبل.
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16612
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Empty
مُساهمةموضوع: رد: لماذا خرجت مصر من التاريخ !   لماذا خرجت مصر من التاريخ ! Emptyالأحد سبتمبر 06, 2009 12:29 pm

لماذا خرجت مصر من التاريخ؟ (٦-٦)

بقلم د. محمد أبو الغار ٦/ ٩/ ٢٠٠٩
■ سحق الإنسان المصرى

أنظر حولى أرى المصريين محبطين مهزومين، أغلبهم من الفقراء المهمشين، وتسود الأمية بينهم وينهش المرض جسدهم، فرصتهم فى التعليم كانت معقولة ثم أصبحت محدودة والآن أصبحت مستحيلة، فرص الحراك الاجتماعى للعائلة المصرية الفقيرة التى كان يخلقها تعليم الطالب المتميز ضاعت وأصبحت الطريقة الوحيدة للحراك الاجتماعى هى السرقة والنصب والبلطجة وتداخل الفساد فى السياسة والسياسة فى الفساد، فالكثيرون من رجال الحزب الحاكم ورؤساء لجانه فى مجلس الشعب هم خريجو هذه المدرسة وسجلهم الإجرامى فى حق الشعب معروف ومكتوب ومسجل ولايزال مسلسل فسادهم مستمراً بنفس القوة.

أرى الكثيرين من أغنياء مصر الجدد قد انفصلوا عن جسدها وأقاموا مستعمرات جديدة داخل الوطن وأصبحت مشاكلهم مغايرة لمشاكل الوطن وأحلامهم ليس لها علاقة بمصر ومستقبلهم أصبح خارج حدودها ومشاكل مصر ليست مشكلتهم لأنها لم تصبح بلدهم وإنما هى بقرة يحلبونها ويصفون كل قطرة فيها.

أرى الكثير من مثقفى مصر وأساتذتها وأطبائها ومهندسيها قد أصبحوا فى واد والوطن ومشاكله فى واد آخر، كل يغلق بابه على نفسه ويعمل ليكسب قوت أولاده أو ينمى ثروته، يرى الفساد ينخر فى جامعته أو مصنعه فيغض الطرف «ولا من شاف ولا من درى» يتركونهم يهدرون كل القيم ويدمرون المفكرين والجادين فى خدمة الوطن ولا أحد يدافع أو يتكلم.

ماذا حدث لقادة هذا الوطن الذى كانت تهتز أرجاؤه بكلمة منهم؟ لماذا يصمتون؟ أهو الخوف أم التواكل أم اللامبالاة، تصوروا لو وقف ألفان من الأساتذة من بين عشرة آلاف تحت القبة فى جامعة القاهرة وقفة صامتة ساعة واحدة احتجاجاً على فساد حدث أو ظلم وقع، لتغيرت الجامعة وتغيرت مصر، ولكن ذلك لا يحدث.

هل فعلاً انسحقت الشخصية المصرية؟ يقول البعض إن آلة التعذيب الجهنمية في المعتقلات لسنوات فى الستينيات، التى طالت أساساً الشيوعيين والإخوان المسلمين، قد أصابت الشخصية المصرية فى مقتل، ويقول آخر إن الحكم البوليسى تحت قبضة الأمن الذى يتجسس على كل مواطن ويراقب كل تليفون بحق وبدون حق ولا يحترم حكم القضاء قد أصاب المصريين بالهلع والرعب.

إن المواطن المصرى يرى بعينيه الانتخابات تزور علناً ونهاراً جهاراً ويعلم ذلك كل إنسان بدءاً من الرئيس وحتى أبسط مواطن دون أن يهتز جفن لأحد حاكماً كان أو محكوماً، لأن الجميع فقد الأمل فى الإصلاح أو مات من حجم السخرية أو وافق على أن الحاكم من حقه تزوير الانتخابات وأن يبيعه ويشتريه.

أنظر إلى الإنسان المصرى حامل الحضارة لآلاف السنين والذى كان المعلم والمدرس والمهندس والطبيب والفنان المؤثر فى العالم العربى ذهب إلى العمل فى بلاد البترول وعاد يلبس زياً مختلفاً ويفكر بطريقة مختلفة وتوارت حضارته القديمة خلف طبقة من النفط بعد أن كان أبوه وجده يذهبان ويعودان كما ذهبا بعد أن يكونا قد زرعا نبتة تقدم ومدنية هناك.

أرى الشعب المصرى المتدين بالفطرة والذى كان متديناً حتى قبل نزول الأديان السماويه وأصبح مسيحى ثم مسلماً فى غالبيته فتمسك بدياناته الجديدة واستمر كما كان فى علاقته الوثيقة بربه وبدينه، فجأة أصبح التدين معظمه مظهرى وبعد أن كان العمل كما كان يقول آباؤنا فريضة أصبح مهملاً وأصبح ترك العمل فى عز النهار للصلاة فى الجامع لمدة طويلة شيئاً عادياً ولا يهم من تتعطل أعماله وأصبح الكلام فى الدين هو التدين وليست العلاقة السامية الشفافة مع الرب.

أرى الوزراء جميعاً فى موقف الذليل المنكسر أمام الرئيس لا يفتح أحدهم فمه بكلمة ولا يبدى رأياً إلا تمجيداً لما يقوله الرئيس وتغنياً بحكمته.

أرى المعارك بين الناس على أشياء هامشية بينما قضية الوطن ومستقبله تتوارى، أرى الزرع الأخضر الذى ارتوى بماء النيل آلاف السنين يرتوى بمياه المجارى لينشر الأمراض والسموم فى أجساد المصريين المنهكة. أرى القضاء المصرى صاحب التاريخ العظيم يخترق بواسطة زبانية النظام والزمن وكذلك التطرف وأرى رجال الأعمال لا يخجلون من محاولة تدمير مستقبل مصر فى إنتاج الكهرباء من الطاقة النووية بعد أن جفت مصادر البترول وتم بيع الغاز بعقود طويلة بأبخس الأثمان ويريدون أن يأكلوا أرض الضبعة كما أكلوا اللحم الحى لشعب مصر البسيط.

بعد أن دب اليأس فى نفسى من أن يدافع شعبنا عن نفسه وعن حقه فى الحياة عدت إلى صديق الأزمات والإحباطات الراحل جمال حمدان أنهل منه كلما اهتز يقينى بأن هناك أملاً، فرأيته يدحض بشدة نظرية أن مصر أطول مستعمرة فى التاريخ لأن مصر كانت مستقلة أكثر من ٧٠٪ من تاريخها وهى فترة أطول من إنجلترا المستقلة ويدحض نظرية الشيخوخة المبكرة لمصر ونظرية المقاومة السلبية للمصريين وهى تلك النظرية الانهزامية ويعدد ثورات المصريين الكثيرة عبر التاريخ ويدحض نظرية أن المصرى فلاح غير محارب ونظرية أن موقع مصر سبب كوارثها، كل ذلك بسلاسة وحقائق دامغة، عاد إلىَّ الأمل فى أن تنهض مصر ضد الظلم، والاستعباد والتخلف والرجعية، وبعد أن كانت قناعتى بأن مصر قد خرجت فعلاً من التاريخ والجغرافيا والحياة أيضاً، أعاد إلىّ ابن مصر العالم الجميل (الذى مات اكتئاباً على حالها) الأمل وأقنعنى بأن مصر فى داخل التاريخ ولن تخرج منه أبداً.

«قم يا مصرى، مصر دايماً بتناديك».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
لماذا خرجت مصر من التاريخ !
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العدميين العرب :: مقالات و ترجمات-
انتقل الى: