منتدى العدميين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى العدميين العرب

منتدى فلسفي حواري ذو توجه عدمي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 معارك فكرية .. النقد

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16612
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

معارك فكرية .. النقد Empty
مُساهمةموضوع: معارك فكرية .. النقد   معارك فكرية .. النقد Emptyالجمعة أغسطس 28, 2009 4:33 am

معارك فكرية .. النقد

اعداد ماهر حسن ٢٨/ ٨/ ٢٠٠٩
دارت هذه المعركة داخل جبهة المدرسة الفكرية الحديثة بين رجلين عرفا بالسير فى طريق واحد، لقد كان أحمد أمين قاضياً واختاره طه حسين ليعمل أستاذاً فى كلية الآداب، بعد أن دافع عنه فى لجنة الأزهر فى أزمة كتاب «الشعر الجاهلى»، ثم فكرا مع عبدالحميد العبادى فى نشر كتاب «فجر الإسلام»، على أن يكتب كل واحد من الثلاثة فى الجانب الذى يختص به، ثم مضى أحمد أمين فأتم الكتاب كله فيما توقف طه حسين والعبادى، ورغم هذه الصداقة ورغم هذا التآلف الذى كاد يجمع الثلاثة فى مشروع واحد وكتاب واحد فإن أحمد أمين حين عرض للنقد الأدبى لم يتراجع عن أن يعلن رأيه صريحاً فى موقف الأدباء الذين برزوا فى ذلك الحين..

وقد جرى فى هذا السياق سجال عظيم كان طرفاه أحمد أمين وطه حسين، أصر فيه أحمد أمين على رأيه فى أن كُتّاب تلك المرحلة كانوا مندفعين ومتحمسين أول الأمر، حتى إذا ما حققوا الشهرة والمكانة عادوا إلى شىء كثير من الاعتدال، وقد دارت رحى هذه المعركة فى أواسط عام ١٩٣٦م وتوالت الجولات التى خاضت من الرئيسيات إلى أصغر التفاصيل لكنها كانت معركة نظيفة.. لم تجنح للتطاول المباشر مثلما فى معارك أخرى، ونحن هنا نعرض لأولى جولات هذه المعركة التى كثرت جولاتها.

أحمد أمين: ضاع بين الرواد والتلاميذ

«.. حدث فى تاريخ مصر الحديث أن جماعة تسلحوا بالشجاعة فأظهروا آراءهم فى صراحة تامة ولم يبالوا بالرأى العام سواء فى ذلك بحوثهم أو نقدهم، وكانت هذه البذرة الأولى للشجاعة الأدبية فى مصر فألفوا كتباً عبروا فيها عن آرائهم فى جلاء ووضوح، وكتبوا مقالات تعبر عما يختلج فى نفوسهم وإن لم تكن على هوى الجمهور، ونقدوا أدب الأدباء وإن بلغوا القمة فى نظر الناس، فكان صراع بين القديم والحديث وبين التفكير الحر والتقاليد وبين الأدب الناشئ والأدب المورث. ولكن هذا الصراع انتهى بغلبة الجامدين. ونال الأحرار من العسف والعنت فوق ما ظنوا.

وشعر القائمون بهذه الحركة الجديدة أنهم أصيبوا فى سمعتهم ثم رأوا أن أتباعهم تخلوا عنهم فى وقت الضيق، ومن عطف عليهم فعطف أفلاطونى، عطف يتبخر، وكان الرأى العام قوياً مسلحاً فتغلب وانتقم وأصبحت له السلطة التامة، وانهزم أمامه فريق المفكرين الصرحاء هزيمة منكرة. ولم تكن له أمثلة كثيرة فى تاريخه القريب فاضطر إلى التسليم.

وتعود المجاراة بدل المقاومة، والمداراة مكان الصراحة، فلم يعد هناك معسكران ولم يعد صراع وإنما هو معسكر واحد ولا قتال، وتعلم الجيل اللاحق مع الجيل السابق فاختط خطته ونهج منهجه وأخذ الدرس عن أخيه الأكبر ففضل السلامة. وبذلك اختنق النقد الأدبى فى مهده وأصبح الأدب مدرسة واحدة يختلف أفرادها اختلافاً طفيفاً، فى العرض لا فى الجوهر، ولا أمل فى عودة النقد الصريح إلا ببذرة جديدة وروح جديد، على شرط أن تكون البذرة صلبة تتحمل حوادث الدهر وعوادى الأيام.

ويتصل بهذا أن الأدباء عندنا صنفان: صنف نضج وتكون واستوى على عرش الأدب. وهؤلاء هم القادة، وهم أفراد معددون تسالموا وتهادنوا، وحرمنا ما بينهم من خصومة أدبية وعلمية، وصنف ناشئ فى طور التكوين وهو يخشى أن يتعرض لمن استوى على العرش فيبطش به بطشة جبارة تقضى عليه، فلما جامل الكبراء بعضهم بعضاً، وخاف الناشئون من الكبراء، ضاع النقد بين هؤلاء وهؤلاء..».

فأنت ترى أن جماعة النقاد الذين كانت إليهم قيادة الرأى الأدبى أو قيادة الحياة العقلية منذ حين قد اصطنعوا الشجاعة أول أمرهم. وآثروا الصراحة أو كانت الصراحة لهم خلقاً، فكتبوا كما كانوا يرون، وأخذوا بحظوظهم الطبيعية من الحرية، فلم يحفلوا بالجمهور ولم يخافوا الرأى العام، ولم يحسبوا لمقاومة المحافظين حساباً، ونشأ عن شجاعتهم تلك وعن صراحتهم هذه أن بعثوا فى الحياة العقلية نشاطاً لم تألفه مصر، فكان الصراع العنيف بين القديم والجديد، وكان الخصام الشديد بين الحرية والرجعية.

وكذلك ترى بعد ذلك أن هؤلاء الكتاب قد أوذوا فى مناصبهم وفى أنفسهم وفى سمعتهم وفى أرزاقهم فلم يثبتوا للأذى، ولم يمضوا فى المقاومة، ولم يعنهم أتباعهم وأولياؤهم على الثبات، وإنما عطفوا عليهم عطفاً أفلاطونياً.. فلانوا ودانوا وجاروا وداروا وآثروا العافية ومضوا مع الجمهور إلى حيث أراد الجمهور، ونشأ الجيل الجديد فاقتدى بإخوته الكبار وسار سيرتهم وأصبح النقد مصانعة ومتابعة وأصبح الأدب تملقاً وتقليداً.

وهذا أيها الأخ العزيز هو الذى أخالفك فيه أشد الخلاف وأنكره عليك أعظم الإنكار، يدفعنى إلى ذلك أمران: أحدهما أن رأيك بعيد كل البعد عن أن يصور الحق. والثانى أن رأيك يمسنى وأؤكد لك أنه يحفظنى كل الإحفاظ ويؤذينى كل الإيذاء. ولعله يحفظنى ويؤذينى أكثر مما أحفظنى وآذانى كل ما لقيت من ألوان المشقة والإعنات.

تعال أيها الأخ العزيز تبحث معاً عن هؤلاء الكتاب أين كانوا فى ذلك الوقت؟ وماذا صنعوا؟ وإلى أى حد جاروا وداروا وآثروا العافية؟ لست فى حاجة أن أسميهم فأنت تعرفهم كما يعرفهم الناس جميعاً، لم يكن لأكثرهم منصب فى الدولة، ولعلى كنت من بينهم الوحيد الذى كان يشغل منصباً من المناصب، فلما عصفت العاصفة أقصيت عن هذا المنصب فأدركت الزملاء ووقفت معهم حيث كانوا يقفون، ومضينا جميعاً إلى حيث كان يجب أن نمضى واحتملنا جميعاً ما كان ينبغى أن نحتمل من الأثقال. فكنا أيها الأخ العزيز ألسنة الساسة وسيوف القادة والسفراء بينهم وبين الشعب. وكنا سياطاً فى أيدى الشعب يمزق بها جلود الظالمين تمزيقاً.

وكنتم تعجبون منا بذلك وتحمدونه لنا وتؤيدوننا فيه. وكنتم تقومون على الشاطئ وتروننا ونحن نغالب الأمواج ونقاوم العواصف نظهر عليها حيناً وتظهر علينا أحياناً، فكان بعض الناس يصفق لنا إذا خلا إلى نفسه لا إذا رآه الناس، ويعطف علينا إذا لم يحس السلطان منه هذا العطف، ولست أزعم أنى قد استأثرت بهذا الفضل فقد كان نصيبى منه أقل من نصيب كثير الزملاء.. لم أدخل السجن وقد دخله منهم من دخله.

أترى أن مواقفنا تلك كانت مواقف المنهزمين؟ إننا شغلنا عن النقد الأدبى بأنفسنا وأموالنا وإيثارنا للعافية ومجاراتنا للسلطان».
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
معارك فكرية .. النقد
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1
 مواضيع مماثلة
-
» معارك فكرية.. الخلافة ..
» معارك فكرية .. أدب الساندوتش ..
» معارك فكرية .. أدب الحب ..
» معارك فكرية .. الفن ..
» معارك فكرية الادب ..

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العدميين العرب :: الشعر و الفن و الادب-
انتقل الى: