منتدى العدميين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى العدميين العرب

منتدى فلسفي حواري ذو توجه عدمي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 نقد الواقعية الرقمية...

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
ذاكرة
عضو ناشط
عضو ناشط
ذاكرة


عدد المساهمات : 214
نقاط : 16607
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 34

نقد الواقعية الرقمية... Empty
مُساهمةموضوع: نقد الواقعية الرقمية...   نقد الواقعية الرقمية... Emptyالخميس أغسطس 27, 2009 12:24 pm

سوسن مروة...

نعيش اليوم زمن العولمة، زمن نفي المكان والجغرافيا، زمن الاستهلاك، زمن انسلاخ الإنسان عن حياته وواقعه وانكفائه على ذاتيته وفرديته. وقد تكاثفت ثقافة العولمة وتجسدت في شبكات الإنترنت حيث ينكمش الفرد في حدود صفحات الويب ويعيش عالم ما بعد الواقع، عالم الواقع الافتراضي فيحيا كما لو أنه يحيا.

في هذا العالم الافتراضي يتحول الإنسان إلى فرد افتراضي يستبدل نور الواقع بكهف أفلاطون بملء إرادته مُبحلقاً في ظلال الواقع فيراها عينَ الواقع.

وفي ثقافة الإنترنت فإن المعرفة والثقافة معادلان لتخزين المعلومات التي تتحول إلى سلعة للاستهلاك أو سهم في بورصة المبادلات التجارية. أما العلم فلا يعود أداة لخدمة تطور الإنسان بل بات الغاية التي يتسابق الإنسان لتقديسها وتبدو تقنية المعلومات بكل عناصرها وكأنها الوعاء الذي يحوي في داخله الثقافة والأدب ويختزل الإنسان إلى خصيصته التي استحدثها العلم –الإنسان ككائن استهلاكي وربما بيوتكنولوجي وينتفي الإنسان ككائن تاريخي ثقافي.

تدعو ثقافة العولمة إلى معاداة يوتوبيا المثقفين الذين يحلمون بإمكانية تغيير العالم، فترمينا جميعا تحت عجلات فقدان الإرادة والقدرة على فهم وتشكيل التاريخ، حسب عزيز لزرق، وبالتالي انهيار الحلم بمستقبل مختلف قد يكون أفضل.

هكذا تستبدل العولمة وثقافة الإنترنت اليوتوبيا التي هي الواقعية بعينها من حيث هي تعبير عن الحاجة إلى جعل المستقبل يتجاوز الحاضر، تستبدلها بواقعية افتراضية يكمن في جوهرها التسليم بالواقع الرقمي المستحدَث الرامي إلى تذويب الفروق الثقافية .

في هذا العالم الرقمي وُلِدت الواقعية الرقمية. في رأي مبتكر مصطلح أدب الواقعية الرقمية الكاتب محمد سناجلة، قد وُلد الإنسان الرقمي الجديد الذي يعيش ويتحرك، يتاجر ويتعلم ويحب في المجتمع الرقمي الافتراضي.

وهذا المجتمع الجديد بإنسانه الجديد في حاجة لأدب جديد ورواية جديدة مختلفة تعبّر عنه. وطالما أننا نعيش العصر الرقمي، حسب سناجلة، وفي الزمن الرقمي حيث الزمن يساوي السرعة وتلتغي المسافة متحررين من بُعد المكان، فإن الأدب الجديد والرواية الجديدة هما أدب ورواية الواقعية الرقمية.

هل فعلاً تحرّر الإنسان الرقمي من بُعد المكان؟ لقد تحررت المعلومة، وتحرر النص الأدبي اتصالياً من بُعد المكان، لكننا نحن الجالسين في مواجهة شاشة الحاسوب وليس في النبضات الإلكترونية، نعبّر عن خبرتنا الواقعية ومعاناتنا الحياتية والوجودية من خلال الرواية والنص الأدبي.

نحن موجودون كأفراد افتراضيين في المجتمع الرقمي، موجودون بالقوة وليس بالفعل، رقميا وليس واقعياً. إن كلا الزمن والسرعة التي ورد الحديث عنها رقميان مرتبطان عضويا بالمعلومة وليس بالإنسان. ألا يبدو القول عن السرعة والمسافة والتغاء المكان إسقاطاً لمفاهيم فيزيائية بامتياز على الإنسان تحوّله إلى نبضات إلكترونية تنتقل في زمن يساوي السرعة حيث اللامكان؟

قد يستقيم هذا القول مع شطحات أدب الخيال العلمي حيث تتمدد مثلا طاقةُ الإبداع الإنساني مع طاقة الكون ويستحيل الإنسانُ إلى جزيئات من الذكاء الاصطناعي تسافر في قنوات الزمن المتسارع تاركاً معناه وتاريخه في البصمات العالقة على فأرة الحاسوب.

ما لا شك فيه أن النص الأدبي – ورقياً كان أم رقمياً- يتجه إلى استحضار الخيال العلمي المنطلق من ثورة التكنولوجيا والمعلومات ومن المعطيات المتجددة للفيزياء الكوانطية وقد يعزز أدب الخيال العلمي من صلة الإنسان بشرطه الإنساني ونزوعه لاكتشاف أبعاد جديدة لوجوده وكينونته.

في المقابل يفترض بنا أن نميز بين نصٍّ أدبي يُنشر رقميا ويمكن قراءته بعد طباعته وبين نص مُرَقْمَن أجريت عليه تعديلات وإضافات باستخدام وسائط بصرية وسمعية (وشميّة أيضا كما يتنبأ منظّرو التكنولوجيا). ما يميز النص الأدبي المُرقمَن –والرواية المرقمنة تحديداً-هو استخدامها للهايبرتكست، أي النص المفرّع أو المتعالق.

وأول من استخدم هذا المصطلح رائد الحاسب الآلي ثيودور نيلسون في منتصف ستينيات القرن الماضي ويعني بها "كتابة غير تتابعيه –النص الذي يتشعب ويعطي القارئ خيارا، وخيرُ مكان لقراءته هو شاشة تفاعلية. وهو سلسلة من الكتل النصية تربطها حلقات يمكن أن تمنح القارئ مسارات مختلفة" والنص المتعالق هو ببساطة "الربط المباشر بين موقع وآخر من النص نفسه أو نص آخر، والقدرة على استحضارها في اللحظة ذاتها".

يتميز هذا النص أو هذه التقنية بقدْر من المرونة تعطي القارئ الفرصة للمشاركة في تشكيل النص الأدبي ويوفر مساحة من الحرية في إتّباع الروابط دون تدخل من أحد.

قد يحفّز الهايبرتكست (hyper text) القارئ ويشجعه على الإبحار في القراءة إذا ما اختيرت الوسائط البصرية والسمعية (الملتيميديا) بإبداع على ألا تكون هذه الوسائط على حساب تهميش دور النص اللغوي ولغة النص وإلا بَطُل وجوده كنص أدبي وبات نوعا من لقطات بصرية سمعية تراودها الكلماتُ بين الحين والآخر. لكن انفتاحَ هذا النص ولا-ثبات بُنْيته وتموّجَها دون بداية أو نهاية، ألا يؤدي إلى تشتيت القارئ وتشظيته، فلا ينتهي من عملية القراءة –المشاهدة –السماع إلا وهو مفرَّغ من المعنى؟

وهل تستتبع هذه التقنية حتميةَ هكذا نتيجة؟ أم أن المحصّلة تعتمد إلى حد ما على المرجعية التي يتكئ إليها كاتب النص المتعالق؟ ولو افترضنا أن الكاتب ينطلق من مرجعية اجتماعية أو أخلاقية أو ما شاكل ذلك من المرجعيات الأدبية، فإن انفتاح النص على مشاركة المتلقي في تغيير وجهة النص ومعناه وجماليته، في الإضافة أو الاختزال يُفقد النص مرجعيته إذ يتراجع تلقائيا دور المؤلف ليضمحلّ ويصبح القراء مؤلفين افتراضيين ليضمحلّوا كلٌّ بدوره وهكذا..لا يمكن لنا إلا أن نتنبّأ، في هذه الحال، بتشظي النص الأدبي وتفككه وخروجه عن مرجعيته وقصديّته وتخلّيه عن التماسك في روحية النص التي قد تضمن المعاناة الجمالية بكل أبعادها الإنسانية .

تتطلّب رواية الواقعية الرقمية من اللغة "أن تكون سريعة، مباغتة، إذ لا مجال للإطالة والتأني، فحجم الرواية يجب ألا يتجاوز الماية صفحة على أبعد تقدير، ولن يكون هناك مجال لاستخدام كلمات تتكون من أكثر من أربعة أو خمسة حروف..أما الجملة فيجب أن تكون مختصرة وسريعة، لا تزيد عن ثلاث أو أربع كلمات على الأكثر".

من البديهي أن تكون اللغة سريعة ومباغتة فمنطق ثقافة الاستهلاك يصبّ في نفاذ الصبر والتوتر و الرغبة في الالتهام السريع. إنها ثقافة الساندويتش وال take away.

هي ثقافة لا مجال فيها للتفكير والتأمل في عصر السرعة والصورة الفاتنة. ثم أنه يتوجّب الأخذ بعين الاعتبار الصعوبة العملية في قراءة مقال طويل من شاشة الحاسوب مباشرة دون التعرض لتعب العين وفقدان التركيز، فماذا عن رواية طويلة؟!

وتتطلّب قراءة نص أدبي أو معرفي ذي جودة قدرا من التركيز والصفاء..تبقى هذه القضايا مفتوحة للاجتهادات ومرهونة بالتجارب التي تقام في هذا المجال .

قبل أن أنهي مداخلتي أود أن أشير إلى أن بعض الآراء التي أوردتها أوّلية وغير نهائية وفي طور التساؤل والتبلور بحكم جِدّة الموضوع وعدم نضجه وندرة الدراسات حوله وقلّة التجارب المتبلورة في هذا المجال ليس فقط بالنسبة لنا كمجتمعات متخلّفة اقتصاديا ومستهلكة للتكنولوجيا وحيث أننا نعتبر من أقلّ الشعوب إقبالا على ثقافة الكتاب، بل حتى بالنسبة لكثير من المجتمعات الأوروبية والغربية.

فالشعوب الإسكندنافية، مثلا، وحسب إحصاءات اليونسكو تعتبر من بين أكثر شعوب العالم إقبالا على قراءة الكتب المطبوعة. ومع أنه تتوفر البنية التحتية لتكنولوجيا المعلومات، الثقافة الأدبية، وتنظيم عملية وصول عامّة الناس للنصوص الأدبية، مطبوعة كانت أم إلكترونية ومع ذلك تقول إحدى الدراسات أن الإقبال على الأدب المرقمن الذي يستخدم الهايبرتكست ضعيف.

ومن بين إحدى المحاولات الأولى خلال التسعينات رواية (هايبر أبوكاليبسيس) التي استخدمت مقدّمة تقول فيها أنه إذا كان القارئ غير مهتم كفاية بالقصة وانسحب من القراءة في أقلّ من 15 دقيقة، فإن كل الشخصيات ستموت. وستكون هذه نهاية العمل الأدبي. وقد تبيّن أن هذه المقدمة لم تحدث الأثر المطلوب ولم تحفّز الإقبال على القراءة.

لكن الدراسة عينها تشير إلى أن المشكلة حاليا تتجاوز تنافس النص المرقمن على الحلول محل النص الأدبي المطبوع..إنها مشكلة الإقبال على القراءة عموما وبخاصة لدى الصغار والشباب، إذا استثنينا القراءة بدافع تطوير آفاق العمل والتعليم.

مركز دمشق للبحوث للدراسات النظرية والحقوق المدنية.....ونشرت ايضا في مجلة كنعان...
http://www.dctcrs.org/s5304.htm
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
نقد الواقعية الرقمية...
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العدميين العرب :: مقالات و ترجمات-
انتقل الى: