موضوع رائع ومهم جدا.....
د.عادل سمارة
كي لا يكسب رأس المال التضليل إلى جانب الاستغلال
في الفترة التي كان رأس المال في أوروبا الغربية يشغل الناس 16 ساعة يوميًا وأكثر، وكانت فيها الكنيسة باسم الدين المسيحي، وليس الدين المسيحي نفسه، حليفة للرأسمالية ضد الإقطاع، وكانت تعوض الكنيسة على الفقراء ببعض الأكل وأماكن النوم لبعضهم، قال ماركس جملته الشهيرة:
"الدين أنين المخلوق المعذب، وضمير عالم لا ضمير له، إنه افيون الشعوب"
لم أتردد في استذكار هذه المقولة لأن الزمن يضعها في محلها. فماركس لم يناقش كثيرا في الوجود والعدم. كان ما يهمه هو ان تعيش البشرية بدون رأس المال. وكان قد رأى ولمس أن الكنيسة في أوروبا، ولاسيما الكنيسة البروتستنتية في بريطانيا، وهو ما رآه انجلز في مانشستر وكتب عنه ببلاغة هائلة، كان يؤكد ان الكنيسة عدو الإنسان. فقد أدرك الرجلان، أن رأس المال قد امتطى رجال الدين، في المسيحية واليهودية، وأصبحوا مثقفيه العضويين، وهذا مكسب له لا مكسب بعده.
قام الاستعمار الرأسمالي الغربي، بتلقين مقولة ماركس هذه للأنظمة العربية التي عينها ورعاها لتتخذ من هذه الجملة منطلق تركيع الأمة للاستعمار تحت ستار حماية الدين، بينما كانت ولا تزال هذه الأنظمة ترتكب كافة فظاعات التاريخ ضد الدين والأمة وربما كانت الخيانة اقلها.
والمؤسف أن الكثير من الماركسيين العرب، قد التقطوا مقولة ماركس هذه وتفاخروا بها، والله يعلم أنهم لا يفهمون من الماركسية غيرها! ليصبحوا مثابة "الإخوان الملحدين"!
كل من يقرأ التاريخ الرأسمالي منذ خمسة قرون، يصل إلى الاستنتاج الواضح بأن الرأسمالية قد امتطت الدين المسيحي وحولته إلى إنجيل رأس المال. وباسم الدين راكمت الرأسمالية ثرواتها من استغلال الطبقات الشعبية في أوروبا ولاحقا العالم بأسره.
معروف لكل طالب في المرحلة الجامعية الأولى للإقتصاد السياسي، تحديدًا، أن رأس المال حين يفيض إنتاجه السلعي عن حاجة منطقة جغرافية ينتشر بالضرورة كالمرض الخبيث إلى منطقة أخرى. ولكنه يصبح أكثر شراسة حينما يعاني أزمة اقتصادية داخل بلاده، فلا بد أن يقتحم البلدان الأخرى ليعوض معدل الربح الهابط بارتكاب الحروب مهما كانت ضحاياها.
ومن لا يعرف الروح الشريرة لرأس المال، ولا يريد قراءة التاريخ الطويل، فليفكر في جملة الاقتصادي الألماني - الأميركي جوزيف شومبيتر "التدمير الخلاق"! واعجباه. إذا كان الهدف هو الخلق، فما لزوم التدمير؟ لأن التدمير مبرر الاستعمار، وبالتالي فالاستعمار بالنسبة للرأسمالية هو مشروع إنشائي، هو صناعة، هو تحريك لرأس المال ليدر ربحًا أكثر.
قبل شهر حينما كانت السيدة رايس في ضيافة عملائها في لبنان، وعلى مبعدة أمتار من مجاهدي حزب الله، اي من الضاحية الجنوبية في بيروت نظرت السيدة رايس من الطائرة إلى الدمار الذي أحدثتها طائرات رأس المال الأميركي البريطاني الصهيوني في لبنان، فجاشت قريحتها بعبارة : "الفوضى الخلاقة". لا أعتقد ان كل فريق 14 آذار في لبنان لا يفهمون أنها تستخف بعقولهم، ولكن، ما الذي يفعله خروف العيد أمام سيده! لا تلام السيدة السمراء على ما تقوله، فأجدادها في الولايات المتحدة ذُبحوا بالملايين. وهي تعلم حتى اليوم أن الأسود مهان حتى لو وصل البيت الأبيض!
لم يكتب ماركس عن حروب الفرنجة، وربما لم يقرأها البتة، ولو فعل لكانت مقولته أعلاه هي الأولى في كتابه رأس المال.