رسالة إلى أحفادى
٦/ ٩/ ٢٠٠٩
أحفادى الأعزاء.. معذرة..! أرجو ألا تلومونا.. وألا تغضبوا منا فى المستقبل عندما يصبح أصغركم شابا فى العشرين إن شاء الله. أعلم جيدا أنكم لن تسامحوا جيلنا الذى كان السبب فى تدمير حياتكم، والذى تصور أنه خالد فى هذه الحياة، وأن هذه البلد ملكه.. أعلم أن مشاريع كثيرة نقوم بها الآن لن تنفعكم فى شىء، بل بالعكس تسحب من نصيبكم من الماء والهواء والطعام.. ستلعنوننا لأننا لم نقف بحزم ونرفض بكل قوة أى مشروع معلوم مسبقا أنه فاشل. ستلوموننا لأننا كنا سلبيين، وأن خطأنا ليس أقل من خطأ الذى قام بالمشروع الفاشل والذى أنفقت عليه البلايين من الدولارات..
لا يكفى أن يعلن أحد العلماء المحترمين أن هذا المشروع سيسبب خرابا على البلد وأنه غير موافق عليه.. كان يجب أن يقف بحزم أكثر ويشرك كل من يرفضه ويمنع تنفيذه بكل السبل.!!
أما ما يخص الماء الذى يستهلك فى رى أراضى الجولف المنتشرة فى أرجاء المدن الجديدة التى بنيت فى الصحراء، فأرجو أن يكون قد تبقى لكم ما يكفى لرى جوفكم.. أنا فعلا آسفة أننى لم أستطع فعل شىء لكى يصل صوتى إلى المسؤول عن هذه المهازل!!
ستتساءلون فى المستقبل كم شخص فى مصر يلعب جولف فى هذه الأراضى الخضراء الشاسعة؟! وستتهمون جيلنا بالأنانية لأننا لم نفكر فى أحفادنا الذين يلهثون وراء نقطة ماء.. سيصبح تعداد مصر فى زمنكم أضعاف ما هو عليه الآن.. فهل قمنا نحن بدورنا فى التوعية للإقلال من تعداد المواليد؟
بالعكس تركنا عقليات متخلفة تقف فى طريق الدعوة لتحديد النسل بحجة أنه حرام!!
مساكين أنتم ستعيشون فى زحام، وكما يتنبأون الآن لن تستطيع السيارات أن تتحرك فى الشوارع التى لم يطرأ عليها أى تغيير.. آسفة يا أحفادى الأعزاء لن يرى أولادكم فى المستقبل حديقة الحيوان التى كانت فى يوم من الأيام ثانى أو ثالث أعظم حديقة حيوان فى العالم!!
سيمحونها من على الأرض ليحل مكانها غابة من الأسمنت!! أشعر كأنى مشلولة.. أريد أن أقف أمام سيارات البلدوزر التى تنوى هدم وقلع أشجار هذه الحديقة الجميلة.. ولكن هل أستطيع وحدى أن أقوم بهذا؟
هل أستطيع أن أقنع المسؤولين بأن تبوير أراض زراعية ليحل مكانها ملاعب اسكواش ما هو إلا عمل مجنون وغير مدروس؟ وأين هذه الملاعب؟
فى وسط مناطق شعبية لا يهم سكانها الاسكواش بقدر مايهمهم أرضهم التى ستسلب منهم؟
هل يعلم المسؤولون أن ثمن المضرب حوالى ٧٠٠ جنيه؟
إننا نضحك على بعضنا البعض فهذه الأرض كان يزرع فيها ما يكفى لإطعام ملايين. فهل سيسعدكم هذا؟
أكثر ما يقلقنى على جيلكم المسكين هو فقدان الأمان.. فالبطالة ستطول الكثير منكم.. بالتالى سيزداد العنف بسبب الجوع.. آسفة يا أحفادى نحن فعلا جبناء، من أكبر إلى أصغر واحد فينّا.
فأرجو أن تسامحونا لأن من يتحكم فينا أكبر منا جميعا.. وأدعو الله أن يكون جيلكم أقوى منا.. وأن يعرف كيف يصر على أخذ حقه وحق أولاده، بدون خوف وبعزة وكرامة!
فيفى لطفى
fifius@hotmail.com
الرئيسية 
