منتدى العدميين العرب
هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتدى العدميين العرب

منتدى فلسفي حواري ذو توجه عدمي
 
الرئيسيةالرئيسية  أحدث الصورأحدث الصور  التسجيلالتسجيل  دخول  

 

 المال السايب ..

اذهب الى الأسفل 
كاتب الموضوعرسالة
mumbuzia
عضو جميل
عضو جميل
mumbuzia


عدد المساهمات : 182
نقاط : 16885
تاريخ التسجيل : 16/08/2009
العمر : 35

المال السايب  .. Empty
مُساهمةموضوع: المال السايب ..   المال السايب  .. Emptyالسبت سبتمبر 05, 2009 1:14 pm

المال السايب

بقلم أسامة هيكل ٥/ ٩/ ٢٠٠٩



قد أتفهم الأسباب التى تدعو وزارة الصحة لتنفيذ حملة إعلانات ضخمة لتوعية المواطن من مخاطر مخالطة الطيور فى موسم انتشار أنفلونزا الطيور.. فهذه مسؤولية الحكومة الطبيعية تجاه المواطن.. وقد أتفهم الأسباب التى تدعو شركة خاصة أن تنظم حملة إعلانية لتنشيط بيع منتجها من «السمن»، فمن حق صاحب الشركة الخاصة أن ينفق من ماله بإرادته لتسويق منتج الشركة.. ولكننى لاأفهم أبدا الأسباب التى تدعو وزارات المالية والنقل والبترول والاستثمار لإنفاق عشرات الملايين فى حملات إعلانية غير مبررة وغير واضحة الهدف.

فوزارة المالية أنفقت عشرات الملايين على حملة الإعلانات الضخمة لمصلحة الضرائب.. مرة لحث المواطنين على دفع الضريبة العقارية، ومرة لحث «عبد القوى» على تحرير فواتير.. ونسيت الوزارة أو تناست أن هذا الأمر مرهون بثقة المواطن فى الحكومة..

وبدون هذة الثقة لن تكون هناك أى فائدة حتى لو أنفقت كل حصيلة الضرائب على حملات إعلانية.. ولايمكن أن تتوفر لنا هذه الثقة فى وزارة معروف عنها التقتير الشديد على المواطن، ومعروف عنها أنها وزارة جباية تسحب مافى جيوب المواطنين بغض النظر عن الظروف وبغض النظر عن الخدمات المقدمة مقابل هذه الضرائب..

وهذه الحملة الإعلانية فى حد ذاتها تبعث على عدم الثقة، فالوزارة تجبى الأموال كى تنفق منها عشرات الملايين فى صورة إعلانات على كل المحطات الفضائية، لدرجة أن قنوات جديدة محدودة الانتشار تنال أجزاء كبيرة من هذه الحملة الإعلانية.. ولابد هنا أن نسأل عن تكلفة هذة الحملة، والفائدة التى تحققت منها؟ ولابد أن يأتى الإعلان عنها من جهة محايدة مثل الجهاز المركزى للمحاسبات، وليس من وزارة المالية لأن أحدا لن يصدق أرقامها.

ووزارة النقل أيضا ابتدعت حملة إعلانية غريبة عن قطارات السكك الحديدية.. وهى أيضا حملة تنتشر فى كل الفضائيات، وتكلفت عشرات الملايين من أموال المصريين.. ولم أسمع أبدا عن حكومة تحتكر خدمة السفر بالسكك الحديدية وحدها، تعلن عن قطاراتها، وتحث المصريين على السفر بالقطار بدلا من الميكروباص!!

فالسفر بالقطارات إجبارى، ولاأعتقد أن التطوير المحدود فى الخدمة يسمح لوزارة النقل بأن تهدر الملايين فى إعلانات عن القطار، خاصة أن القطارات لاتزال كريهة الرائحة وغير نظيفة حتى فى عربات الدرجة الأولى.. والسفر بالقطار فى أوروبا متعة كبيرة، وتشعر أنك داخل فندق فخم، علاوة على دقة المواعيد..

ورغم ذلك لم أسمع أو أشاهد إعلانا عن القطارات فى أى دولة أوروبية.. وعلينا أن نسأل هنا عن البند الذى وفرت منه الوزارة هذه الملايين من أجل الحملة الإعلانية الساذجة عن قطارات هيئة سكك حديد مصر، خاصة أنها هيئة خاسرة، تعوض خسائرها عن طريق رفع سعر التذكرة بغض النظر عن مستوى الخدمة؟ وألم يكن من الأجدى أن تنفق الوزارة هذه الملايين على تحسين الخدمة فى نفس قطارات السكك الحديدية؟.

ويبدو أن هذا السباق الإعلانى المحموم بين وزارتى المالية والنقل أثار الغريزة الإعلانية لوزارات أخرى، فدخلت وزارة البترول بإعلان جديد عن شركات البترول والغاز من الشرق والغرب، ولم أستطع حتى الآن تحديد الهدف من الإعلان.. ولكننى أحاول.. كما دخلت وزارة الاستثمار بإعلان عن جدوى الاستثمار على المجتمع، وكأن المجتمع يرفض إقامة المصانع والمزارع ومختلف الأنشطة الإستثمارية.

الحكومة تتصرف فى أموال الشعب باعتباره مالا شخصيا.. تنفق منه بلا حساب.. وبلا هدف.. ولايمكن أبدا أن تسعى الحكومة لخفض جهازها الإدارى، وتحسب أجر الموظف المكتوى بنار الغلاء بالمليم لضغط الإنفاق، وفى نفس الوقت تنفق عشرات الملايين على الإعلانات التى لا يستفيد منها إلا شركات الدعاية والإعلان التى تنفذ تلك الحملات..

والغريب أن العالم كله- المتقدم منه قبل النامى- يسعى لمواجهة الأزمة المالية العالمية بإجراءات صارمة لضغط الإنفاق وتنظيمه، بحيث لاينفق قليل لايدر عائدا كبيرا.. فإذا كان الحال كذلك فى العالم كله، فلابد أن تكون الإجراءات أكثر تشددا فى مصر التى تعانى أصلا أزمة اقتصادية منذ عشرات السنين.. ولايمكن أن تكون إجراءات ترشيد الإنفاق على حساب المواطن دون أى التزام من جانب الحكومة ووزرائها.. وهذه الحملات الإعلانية يبدو انها تتواكب مع كتاب إنجازات الحكومة فى ٥ سنوات والذى أثار ضجة كبرى..

وهى حملات تطرح علينا السؤال المحورى فى هذه القضية.. فلمصلحة من كل هذه الحملات الحكومية الإعلانية؟ والسؤال الأكبر.. من يحاسب الحكومة على هذا البذخ فى ظل كل الأزمات الاقتصادية التى يعانى منها المجتمع المصرى؟ أما السؤال الأهم فهو كم فرصة عمل يمكن أن توفرها هذه الملايين لو أحسن استثمارها فى دولة يعانى شبابها من البطالة، وكم فقيرا يمكن أن تحسن هذه الملايين أحوالهم فى دولة معظم سكانها من الفقراء؟

يجب أن نسأل أنفسنا عن الرسالة المطلوب توصيلها من كل هذه الإعلانات الحكومية المستفزة.. بالتأكيد أنها لاتستهدف المواطن العادى، لأن المواطن يعلم الحقيقة جيدا جدا.. وبالتأكيد أنها لا تخاطب المواطن الغنى، لأنه غير معنى بها.. فلمن تقوم حكومة رجال الأعمال بتسويق منتجاتها الرديئة؟
الرجوع الى أعلى الصفحة اذهب الى الأسفل
 
المال السايب ..
الرجوع الى أعلى الصفحة 
صفحة 1 من اصل 1

صلاحيات هذا المنتدى:لاتستطيع الرد على المواضيع في هذا المنتدى
منتدى العدميين العرب :: مقالات و ترجمات-
انتقل الى: